أفقت.. فوجدت نفسي في لجنة الامتحان .. إنه الامتحان الأخير ..
سيتوقف عليه مستقبلي.... يا إلهي .. مستقبلي، بدأت أردد هذه الكلمة مرات و مرات..
نظرت إلى ورقة الأسئلة و لم أكن قد تنبهت إليها منذ وضعها المراقب أمامي..كانت الأسئلة بسيطة جدا ً .. أو هكذا تخيلتها في بادئ الأمر. و بدأت كعادتي دائما ً أقرأ الورقة كلها من أولها إلى آخرها فلاحظت أن خانة زمن الامتحان خالية!! .. فوجدتني أصيح مع الصائحين: أين المراقب؟؟ .. أين المراقب؟؟ إنها ليست غلطة و لكنها مقصودة .. فلا زمن للامتحان ..
قال المراقب: كل ما عليك هو أن تجاوب .. و كم كانت الصدمة قاسية .. مستقبلي يتوقف على هذا الامتحان ولا أعرف له زمنا ً محددا ً!!! وجدت في الإرشادات: أجب قدر طاقتك .. ستحاسب بناءً على المدة التي ستقضيها فعلا ً في الإجابة .. اطمئن .. لن تظلم .. تعاون مع كل ذي رأي من أعضاء التدريس و الزملاء، هذا بجانب الكتاب المقرر و كذلك كافة المراجع و الكتيبات. يا الله!! ما أجملها من تسهيلات .. فقط هناك شرط صارم و هو أن تسحب منك ورقة الإجابة في أي لحظة ..
لا أجد غير الله ...اللهم يا مقلب القلوب ثبتني ...ألهمني من أمري رشدا ً، أحاول التركيز و أطمئن نفسي .. أحاول الإجابة .. و ألتفت حولي .. فأرى عجبا ً!! هناك من لا يعطون هذا الامتحان المصيري أدنى اهتمام .. بعضهم يلهوا و يلعب.. و آخر يقرأ ورقة الأسئلة و يضحك في سخرية و يقول: يا أخي خلينا نستمتعوا؟! و رأيت بعض الذي يتمتع به .. فالتفت ناحيته .. إنها أشياء ممتعة حقا ً و هممت أن اشاركه لهوه .. غير أنني انتبهت لصوت شديد.. إنه صوت زميل بجواري يصرخ: لم أكتب شيئا ً بعد .. شغلني اللعب مع صاحبي عن الكتابة، لم أكن أتوقع أنكم جادين في تنفيذ التعليمات . أتوسل إليك أعد إلي الورقة .. مستقبلي يضيع، يا للهول لقد سحبت منه ورقة الإجابة .. انتبهت إلى نفسي .. لم أكتب شيئا ً بعد.. أحاول التركيز .. لكن أصوات اللاعبين حولي تشوش علي .. تمنيت أنني لم أجلس في مكان موبوء .. أخذت أجول بنظري في القاعة .. فوجدت مجموعة تجلس في هدوء و سكينة ... يجيبون متعاونين بجدية و اهتمام .. ترددت في الانضمام إليهم لكثرة الساخرين منهم و من جديتهم .. الوقت يمر ... و قد تسحب مني الورقة في أي لحظة .. عزمت أمري و هببت واقفا ً ألملم أوراقي و أقلامي .. أتقبلوني بينكم؟ التفتو ا جميعا ً في بشاشة و سرور .. وقالوا مرحبا بك في مجموعة الناجحين بإذن الله ... و سرعان ما وجدت لي مكانا ً بينهم .. و بدءوا بمساعدتي .. و جدت نفسي هادئة مطمئنة تنساب يدي بالإجابات في يسر و سهولة .. اقترب المراقب من الزميل الذي بجواري و اخذ ورقته .. انزعجت من أجله .. و لكنني وجدته يسلم ورقته و هو يبتسم و يقول : لقد عملت ما في وسعي و لم أقصر و أنا مطمئن الى عدل و رأفة المصحح ... استمروا و اجتهدوا ، و الآن .. أنتظر دوري . و صوت يهمس في أذني: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ً و أنكم إلينا لا ترجعون
منقول من أحد المواقعمن أحد المواقع[/size]